أعود للكتابة بعد غياب عشرة أيام، كان معظمها ما بين الاستمتاع بلحظات استيقاظ أميرتي الصغيرة، واقتناص لحظات نومها القليلة في النوم أو إنهاء ما تأخر من مهام. أشعر بالتعب والرغبة في النوم، وبأن اليوم قد صار أقصر، لكني في الوقت ذاته أشكر الرب كل يوم على هذه النعمة التي لا تصفها كلمات.
عندي مواضيع كثيرة أنشرها تباعاً في الأيام القادمة، لكني أبدأ - لأسباب شخصية بحتة - بمراجعة حياة عن الشهر الماضي.
***
بعد توقف عامين، بدأت الكتابة من جديد منذ ستة أسابيع، كانت المحاولة الأولى من خمسة أسطر، "شيء ما في قلبي يدعوني أن أكون من جديد...أن أستمع إلى الأغاني التي في الكون...والكون كله موجود هنا...في عقلي".
ثم كانت الذكريات في "خيبتي أم غباء الوعود"، وكانت التعليقات والاحتفال الهائل من الأصدقاء القدامى جداً، والجدد جداً، والذين لم أتعرف عليهم بعد... وكانت التعليقات والمكالمات بمثابة "إعلان صغير" معلق أمام عيني، يقول: "إستمر"
وأثارني موضوع صغيرعن المذيعات المحجبات، وكتبت عنه، وفي ذات الوقت بدأت بالقراءة الجادة في المدونات المصرية، بعد أن عرفني رامي - وقد تولى دور إرشادي في رحلة العودة للتدوين - على مجمّع المدونات الخاص بمنال وعلاء. وبدأت لعبة التعليقات الجادة. وهي لعبة أشعر فيها بالفشل التام حتى اليوم وذلك للأسباب التالية:
1. يكتب الناس تعليقات رائعة وعميقة على ما أنشر، فأقرر أن أرد بنفس العمق على كل من علق، وذلك يتطلب الانتظار والتفكير...وطبعاً نتيجة الانتظار هي أنني لا أرد وأشعر بمنتهى "قلة الأدب" لأن الناس تحدثني وأنا "آخر طناش"
2. أقرأ مدونات تثير الشهية، ولا أقبل أن أكتفي بتعليق صغير، بل أعد نفسي بأن أقرأ عن الموضوع وأعود بالتعليق اللائق به، احتراماً مني لكاتبه ورغبةً مني في أن نأخذ الموضوع خطوة أبعد من مجرد "المقدمات والتعليقات". ولا داعي أن أحكي باقي ما يحدث، فأنتم تعرفون علاقتي بالوعود.
والنتيجة النهائية هي أنني أعطي نفسي ما لا يزيد عن 3 من 10 في التعامل اللائق مع كل ما كتب خلال هذا الشهر من تعليقات على مدونتي ومن مدونات أخرى تستحق كل تقدير
***
ضحكت وأنا أكتب "الدبة وقعت في البير"، وكنت من زمن لم أضحك وأنا أتحدث عن حالة "العزلة" الاختيارية التي فرضتها على حياتي. ثم ألفت "صندوق الاقتراع" أثناء جولة الرياضة "الإجبارية" اليومية، بما أننا كنا قد بدأنا الشهر التاسع من معجزة الولادة. صرت سعيداً، أتحدث مع أصدقائي عن "المزيد"، أقبل أن أضحي بساعات كنت قد تعودت خلال السنوات الماضية أن أكرسها للعمل، فصرت أستخدمها لأقرأ وأكتب
أقرأ وأكتب...أقرأ وأكتب...أقرأ وأكتب
كنت قد أدركت قبلها بشهرين - في تأمل إجباري فرضه علي المرض والبقاء في الفراش - أن هناك خمسة أشياء يمكنها أن تعطي معنى لحياتي: أن أقرأ (أتعلم)، أكتب، أُعَلِم (ولنكن أكثر تحديداً، أُعلِم شباب مصري مثقف ما بين السابعة عشرة والخامسة وعشرين)، أُهَندِر مصر (أعيد تصميم الأنظمة الإدارية المصرية)، وأخيراً ألمس الفن ولو من بعيد.
وشعرت بالتالي بأن العودة للتدوين هي خطوة على الطريق الصحيح.
***
أقطع مراجعتي بسبب أصوات خناق وأكتشف أن الشرطة في العمارة...
أحد الجيران عاد إلى المنزل ليجد الشغالة البالغة من العمر أربعة عشر عاماً معها صبي في مثل عمرها في الشقة
والله حقيقي الدنيا مسرح كبير.
***
أجاب عدد من المدونين على اختبار للشخصية، ولم أستطع مقاومة الإغراء الوظيفي، فقمت بعمل تحليل احصائي لنتائج المدونين. وعرفت لأول مرة طعم "الشعبية" التدوينية، فقد تخطى عدد الزيارات حاجز السبعين يومياً، ووصلت التعليقات إلى تسعة عشر.
ونشرت بعدها الدعوة لتعميم قسم أبقراط ولم يستجب أحد، ثم فتحت الحوار حول القبول بين الأديان "إيماني العميق هو أن طرق الله لا تعد ولا تحصى، وأنه قادر أن يصل لكل إنسان بإسلوبه الخاص، وأن حدودنا البشرية في الفهم والتطبيق تجعل الفوارق بين الأديان مثل الفرق في المسافة بالنسبة لطفل يحبو، في طريق يمتد لألف ميل، وآخر يمتد لألف ألف ميل... وعلى هذا، فإني مستعد - كإنسان - أن أدين بأعلى صوت كل من يتجرأ ويحاول بناء بيته على أنقاض بيت الآخر"
***
وكانت الخطوة الكبرى التالية هي القرار الجريء أن أكتب عن المرأة التي أحب، وعن الأميرة التي هي ثمرة هذا الحب. وفاجأني رد الفعل من الكثيرين الذين لا أعرفهم، والذين أصبحوا عائلة واحدة تحتفل معنا بهذا اليوم الجميل. صدمني الصدق في مشاعرهم، والإحساس بالانتماء في قلبي. ورغم أني أود أن أذكر الجميع، إلا أن مشاركات سقراط ودرش وجولي ومريم وحلم كانوا الأكثر تأثيراً في قلبي.
ثم جاءت شرم الشيخ، وأيقظت في غضباً لا حدود له، ورغبة أكيدة أن أصنع لهذه الصغيرة عالماً أفضل.
***
كان "الموت إرهاباً" آخر عناويني الشخصية، ومن بعدها حدث الكثير خارج حدود "المدونة". فقد أتتني دعوة أن "أُعلِم"، وبالمواصفات المكتوبة أيضاً، وقضيت بناءً عليه يومان مع مجموعة من الصغار...تكلمنا عن مراجعة حياتهم، عن اختيار دورهم في الحياة، وأخيراً عن التحديات التي سيواجهوها في مسيرتهم نحو ملء الحياة...
لا أعلم في الواقع كيف استفادوا هم من الأمر، لكنني شخصياً لا أملك من الكلمات سوى "شكراً"، لذلك الذي دعيته، فأغرقتني استجابته
ومن طرائف الأحوال أن مدونتي استقبلت زائرها الألف وأنا غائب تماماً عن الكتابة، وكنت أنوي أن أحتفل بالمناسبة احتفالاً خاصاً.
***
أما كل ما لم أحكيه، فهو ما متوسطه عشر ساعات يومياً من العمل، لكن الحديث عن العمل يتطلب مدونة في حد ذاتها، وهذه طالت حتى صار تقريباً من المستحيل أن يصل أي قاريء إلى هذه السطور.
إذن، فلنكمل لاحقاً...
ولاحقاً أكتب، كلام شخصي جداً، وكلام عن أحوال مصر المحروسة، لكن بالأكثر عن روعة هذه الحياة وخالقها، عن الحب، عن العلم عن الفلسفة وعن شقاوة الأحلام والرغبات والأفكار في هذا العالم.
***
وآخر إضافة لهذا اليوم، هي ذكرى عيد ميلاد الصديق البعيد جداً، والذي لم أستطع الوصول إليه لأخبره كم أفتقده...
فإليه هذه الذكرى، ولعله يقرأها
2 comments:
صحيح.. كلّ سنة وهو طيّب.
هو اختفى فين؟
في بلاد يقفز فيها الكانجاروو
Post a Comment