Friday, August 12, 2005

هل اتخذت الكنيسة قراراً مناسباً بتأييد مبارك؟


لأن الموضوع هام - وليس بالضرورة حقيقي -، أستمر في الكتابة...
أنهينا السؤال الأول : "هل يحق للكنيسة القبطية أن يكون لها موقف سياسي؟"، وبقى ثلاثة أسئلة. لكن أولاً، وكما وعدت، ألخص التعليقات لتسهيل المتابعة (أتمنى ألا يشوب تلخيصي أي تحريف، عموماً يمكنكم قراءة التعليقات كاملة في التدوينات السابقة):

علق رامي على قرار عدم الحج للقدس، وبيان تأييد مبارك، وقرار استبعاد القس من وجهة نظر "دستورية" بحسب تعبيره، وهو يرى - بغض النظر عن رأيه في القرارات نفسها - أن كلها قرارات من حق الكنيسة ومجمعها المقدس.

واتفقنا أنا وميلاد ورامي على أن "الكنيسة يجب أن يكون لها رأي في أحداث العالم"، يقول رامي "الكنيسة ليست سوبر ماركت لتوزيع البركة"، ويقول ميلاد أن "الدعوة لفصل الإيمان عن السياسة لا معنى لها"، واتفقنا مع ذلك أن مواقف الكنيسة من حيث كونها مؤسسة دينية، ينبغي أن تكون على مستوى مختلف، فيتحدث رامي عن نوع من المواقف العامة:

1. تشجع الكنيسة أفرادها على التفاعل مع عالمهم

2. تشجع الكنيسة أفرادها على المشاركة الإيجابية اللا عنيفة في كل حركة سياسية مطروحة بحسب ما يراه كل فرد

3. تمنع الكنيسة خدامها المكرسين من الانضمام لأحزاب أو الانحياز لمرشح

4. يُمنع الأشخاص ذوي المسئولية الروحية من التأثير على أي فرد في قرار سياسي، ولا يتم الربط بين مواقف الأفراد السياسية وحقهم في الحياة داخل الكنيسة.

5. تواصل الكنيسة إبداء رأيها في أمور العالم والسياسة (مثلاً: مقاومة الاحتلال في المفهوم المسيحي، معنى المساواة، رأي الكنيسة في الإرهاب، ...)

واقترح رامي أن نقدم رأينا في نهاية الحوار إلى أساقفة الكنيسة.

وبما أن الشيء بالشيء يذكر، فوجب أن أدعوكم لقراءة رؤى مصرية، وموضوعها الوحيد تقريباً هو اندماج الأقباط والكنيسة في المجتمع السياسي المصري.

ملحوظة عابرة: أريد أن أؤكد أنني لا أعتبر هذا الحوار حكراً على الأقباط أو حتى المسيحيين، فأرجو ألا يتردد من له رأي في المشاركة.

***
السؤال الثاني: بغض النظر عما اتفقنا عليه في أنه لا يصح أن تؤيد الكنيسة مرشحاً للرئاسة، هل اتخذت الكنيسة قراراً "مناسباً" بتأييد الرئيس مبارك لفترة تالية؟؟

أقول أنه - إذا توافرت فيه بعض الشروط - قرار غير خاطيء من الجهة العملية البحتة، لكنه يقترب من مرتبة "النكسة" من الجهة الأخلاقية. وأفسر:

1. من الجهة العملية "السياسية" الميكافيلية البحتة، أتصور أن يقدم البابا شنودة على عقد نوع من الاتفاق السري لتأييد الحزب الوطني، مقابل مجموعة من المكاسب السياسية للشعب القبطي. وأتصور أن يكون في قائمة هذه المكاسب قضية الخط الهمايوني، حماية مسيحيي الصعيد وكنائسهم وممتلكاتهم من الاعتداء، الأوقاف الكنسية المحجوزة، قانون الأحوال الشخصية القبطي، إجراءات إشهار الإسلام، موضوع كنيسة المقطم، وما يماثلها من موضوعات. والبابا شنودة في هذه الحالة يتصرف ليس كزعيم روحي، بل كمسئول عن جماعة من الناس (نقابة مثلاً) يدافع عن حقوقها. لكن نجاح هذا الاتفاق مرتبط بشروط: أولها ألا تكون الكنيسة قد تهافتت على إعلان التأييد الكامل الشامل اللامحدود دون أن تحصل على أي شيء في المقابل (مثلما يفعل العرب مع أمريكا طول الوقت!!). والثاني أن تتصرف الكنيسة بطريقة تحافظ لها على كرامتها، وتحقق الغرض من الاتفاق بالإيحاء البسيط للمسيحيين أن إنتخاب مبارك في مصلحتهم. أما هذه الهرولة التي رأيناها، فقد أتت بردود أفعال مقابلة، ووضعت الكنيسة في موقف سيء مع كل الأطراف المحايدة، والأطراف المعارضة لإعادة الترشيح

2. أما من الناحية الأخلاقية، فأسمح لنفسي - وسامحوني - أن أقول أن تقديري أن هذا النوع من الاتفاقات المشبوهة (إن كان قد حدث بالفعل) ليس من المسيحية في شيء. وإنني أفترض في أكبر الزعامات الروحية في الكنيسة أن يغلب التزامهم الإيماني منطقهم العقلي، حتى لو أدى ذلك إلى ضياع بعض الحقوق، أو تعريض بعض الأقباط لبعض المضايقات، فليس دور الكنيسة أن تحمي أولادها بقدر ما هو دورها أن تعلمهم كيف يعيشوا كمسيحيين، ونظرة واحدة على تاريخ المسيحية، تكفي ليدرك المرء أن المسيح وتلاميذه كان من الممكن أن يعقدوا عدداً من الإتفاقات السياسية التي كان من الممكن أن تؤدي إلى قيام المسيحية من دون صليب أو على الأقل من دون هذا العدد الهائل من الشهداء... لكن من الواضح طبعاً أن الفوز في هذه الحالة كان سيكون هو خسارة الخسائر.

والنتيجة: إن كان الاتفاق قد تم، فهذه نكسة للأخلاق، وإن كان لم يحدث، فهذه سذاجة سياسية... وإن كان هناك بديلاً ثالثاً لا نعرفه، فبرجاء تقبل اعتذاري!!!

ملحوظة أخيرة: برجاء الإجابة على الاستطلاع في يسار الصفحة

في انتظار تعليقاتكم


3 comments:

Anonymous said...

Dear My Friend
I'm very happy to read your blog
I, completely, agree with you
I was surprised to hear that from Pope
Actually, he became a carbon copy of Sheikh Al-Azhar, who I don't respect, and consider him a employee of the dictator Mubarak
The point for me is the ethical point
The religious persons should be the last ones to behave in a pragmatic way to get some benifits
If they do that, they are losing everything
Look at prophet Muhammed, he refused such a deal. At the start of Islam, they offered him money, power... He said "I will continue to death or victory"
Same with Jesus
I was very sad at time of death O Pope John Paul II, this is the person I respect. The humanity lost a figure. He was honest with himself. He respected his ideas. He said no for the things he consider wrong
For me, I refuse the pragmatic way in life. To accept the dictator to get somthing. To accept to totalism that will conquer this disagreeing with you.
"I may disagree with you, but I'm ready to die so that you are able to express yourself"
Again, I'm very happy to follow you, and other bloggers in this democratic discussion for our all future
Mostafa Abdel-Aziz

Mavie said...

اتابع هذا الحوار الثرى و أذكر ما درسته هذا العام فى الكلية فى مادة الفكر السياسى فيما يتعلق بالفكر السياسى المسيحى الذى تم عرض كل المحتوى و الشواهد و البراهين فى سياق يهدف فقط لاقرار سلبية المسحيين و الدعوة الى الانعزال لان االمملكة ليست من هذا العالم و ما الى ذلك ...وبعد الغضب جلست افكر بهدوء من المسؤل عن هذه الصورة ؟و ان كانت تحمل مغلطات لكننا لن نستطيع أن ننكر ضعف المشاركة السياسية .أثناء متابعة الحوار شعرت بحماس و بفخر و أشكر غاندى على اختياره للموضوع و على تحليله و أتفق معه جدا فى أن دور الكنيسة و رسالتها تكمن فى تعليم المسحيين كيف يعيشون مسيحيتهم و لهذه الرسالة الأولوية ولا أتصور ان هذا يمكن تحقيقه فى ظل مبدأ:"الغاية تبرر الوسيلة " الذى أشارت اليه .وكما قلتم للكنيسة دور مهم فى توعية الأفراد و حثهم على الأيجابية بحرية و الا فقدت الدعوة فحواها وكل هذا يتنافى بالطبع مع تأييد مرشح واحد فهذا يعنى اختزال أختلافات الأقباط و القضاء على الخصوصية و تعدى على الحرية .
فى ظل كل هذا أرى فى دعوة رامى معنى الايجابية و التحرك بشكل موضوعى و هذه كانت انطباعاتى على دعوته:
-التفاعل مع العالم و الشعور بدور فى هذا العالم و رسالة ما انما هى دعوة اصيلة لكل انسان و بالتالى لكل مسيحى لذا ففكرة السلبية و الأنعزالية مرفوضة تماما لذلك أؤيد بشدة دعوتك لتشجيع الكنيسة للافراد فى التفاعل مع عالمهم على ان يكون ذلك متماشبا مع احترام حرية كل فرد و خصوصية مسيرته.
-فكرة اللاعنف مهم طرحها خصوصا اذا كان الطرف لاخر ياجاء اليه فهل يكون الحل هو التناحر حتى الموت؟؟؟؟!!1
-منع المكرسين من الانضمام للاحزاب حتى لا يؤثروا على الرعية ...للوهلة الأولى شعرت ان من حقهم ان يكون لهم انتماء سياسى لكن بعد ذلك ادركت أن دورهم مع الشعب قد يحول دون ذلك و فى النهاية هم يقومون بدورهم الارشادى لذا فالحياد مطلوب.
-الفصل بين المواقف السياسية و حقوق المسيحى داخل الكنيسة أمر بالطبع لا خلاف تقريبا عليه.

arabesque said...

أتفق معك تماما في اعتبارك عقد الصفقات بهذا الشكل نكسة أخلاقية لا تتناسب مع دور الكنيسة الروحي